الفارس الأخير :الجزء الثاني

118 9 0
                                    

بسم الله

"الحقيقة أنني أرى أنه من الأفضل أن يبقى أبطالنا مجهولين!"

"ولماذا يا صديقي؟ لماذا لا نرفع أبطالنا منازلهم العالية التي يستحقون! ليكونوا ملئ السمع والبصر لدى أطفالنا، يمثلون أمامهم نموذجاً بدلاً مِن مَن هم ليسوا من ديننا أو أخلاقنا... على الأقل هذا رأيي..."

"الحقيقة أنني أخشى أننا لو عرفناهم على حقيقتهم لرفعناهم على مسرح أحكامنا ليصلبوا لا أن يكرموا، فذلك البطل... بشر... يخطئ ويصيب ونحن هنا في الشرق لا نفهم معنى كونك بشراً... فأنت كبطل إما إله... وعند أول خطأ ترتكبه شيطان يستحق السحق بالأقدام!... هذا هو جل ما أخشاه!"

*********************

كم الساعة؟...

لا يهم... فالزمن يمر كحلم ثقيل...

جاثوم لا فرار منه منذ تلك اللحظة...

أين هم؟...

ذلك أيضاً لا يهم... فالأرض تميد بهم أينما ذهبوا...

يطفون بلا أقدام منذ وقعت الواقعة...

فلقد كانت ضربة قاسمة... أفقدت الجميع توازنهم... وأسكنتهم أسوء كوابيسهم...

سوى هو...

ليبقى وحده مرساة الجميع في لجة الخطر...

حتى وإن كان هو قلبه... وسببه...

تذكرت منى كلماته عن فن خداع العدو، وإلباس السراب رداء الحقيقة...

كلماته التي ألقاها في إحدى محاضراته على أسماع تلامذته المختارين بعناية في مبني المخابرات، بينما أفواههم فاغرة إنبهاراً بكل كلمة وكل حركة وكل همسة يأتي بها أدهم صبري... رجل المستحيل.

ولكن ذلك الحديث قد فات وقته الآن...

فلقد أصبح للحقيقة والسراب وجه واحد، لا يفصلهما فن الخداع، ولا ينقض التصاقهما مكر الماكرين.

بينما يتناثر في خلفية المشهد الجدل المتبادل والقاء الاتهامات ونظريات المؤامرة التي طفق يتحدث فيها حازم والمدير وبقية مسؤولي الجهاز المتحلقين حول طاولة الاجتماعات في مكتب المدير، بينما طأطأ أدهم رأسه وبدا عليه التركيز الشديد الممتزج بالغضب.

فذلك التسريب المصور، ما كان سوى الخصم المجهول يأتي بأول حركة له على رقعة الشطرنج، وبات عليهم الرد بشكل حتمي وحازم.

وهنا لم يستنقذ منى من ذهان أفكارها سوى صوته...كما هي العادة دائماً...

"ندعو السادة مقدمي البرامج التي أذاعت الشريط، نسمع منهم وجهة نظرهم ويسمعوا منا!... لن نستطيع دفن رؤوسنا في الرمال كأن شيئأ لم يحدث!" غمغم أدهم بحاجبين مقطبين.

كعادته قفز أدهم للفعل والفعل المضاد دون الدخول في مهاترات إنكار وإلقاء للوم وتبادل اتهامات.

مشاهد من رجل المستحيل Where stories live. Discover now