- الفصل التاسع عشر

130 16 0
                                    

" إن لم يُعجبك محل تواجدك ، فـلتتخيل المكان الذي ترغب فيه "
| منقول |

الدرس الثاني لها ، والذي تلقته بآذان صاغية وحماس كبير ، وهي تستمع لطبيب نفسي علي الإنترنت وهو يحكي عن حالة مُشابهة لحالتها ....
نفس الخوف ....
نفس البدايات السيئة .....
نفس التردد ....

ثم ينقلب حالها فجأة بعدما تبدأ في إتباع نصائح مدروسة ومُهمة ، ثم ترتاد عيادة ذاك الطبيب....
فـ تبدأ في التعافي ، وتعود لحياة شبه طبيعية ، تتحول إلي طبيعية بالتدريج ....
بالطبع أخذ منها ذلك وقتًا ...
ولكن لا يهم ... المهم أن النجاة من تلك المخاوف متواجدة في نهاية ذاك الطريق ....
النجاة ....
حتي يبدأ الناس يرونها بطريقة طبيعية ....

في الحقيقة ، أن الناس ليس من شاغلها الأكبر ....
لم يُكونوا يومًا عالمها ولم يتواجدوا فيه كثيرًا ....
فقط بضعة مُناسبات سمح لها والدها فيه بالظهور ، وكانت ترتعد حرفيًا ...
وبالطبع لولا وجود أحمد ، لم تكن لتستطيع الوقوف وسط ذلك الجمع وحدها أبدًا ....
ذاك إن كانت قد وقفت أكثر من نصف ساعة ، ثم تعللت بالمرض مُرتجفة راكضة إلي حجرتها ....

ولذلك ، لا يهمها رأي الناس كثيرًا ....
ولكن يهمها رأيه ....
من ؟
بيجاد .... أو جاد كما تُحب أن تدعوه ....
تُحبه ؟
في الحقيقة ، لا تمتلك لذلك السؤال إجابة ....
هي لا تعرف الحب .... ولا تعرف البشر .....
تعريفاتها عن الحب لا تتجاوز نافذة رواياتها ....
والتي في الحقيقة بها أشياء لا تُحبها ، ولن تحبها ....
روايات بأنواعها المُختلف ، وبالطبع بتصنيفاتها العديدة ....
و أفكارها المختلفة .... الجيدة و السيئة ....
مقاييس البطلة العالية ...
مثالية البطلة الفارغة ....
غني البطل اللامحدود ....
والقصص المُكررة دون مغزي حقيقي ....
مثلًا ، لا تحب البطل الكامل ، ولا البطلة الخارقة ....
تؤلمها أولئك الكُتاب الذين يجعلون من البطلة مثالًا للملائكية والقوة ....
الجمال والقوة ....
النجاح والجموح ....
فأين هي منذ ذاك كُله ؟
تجعلها تشعر بنقص لا تحبه ، كما تجعلها تبغض الرواية فورًا ....
نعلم جميعًا أن كُلنا بشر ، وكلنا نحمل نقاط عيوب وضعف يخفيها البعض ...
ولكن ذلك ليس حلًا ....
ربما الحل ، في محاولة التقليل منها ...
محاولة مجابهتها ....
محاولة التخلص منها ....

لكن ليس بسترها خوفًا من الأعين أبدًا ...
فـ إذا كان الشخص يعيش عمره يخفي عيوبه ، فـ متي سيصلحها إذن ؟
متي سيضع يديه علي المشكلة ويقوم بحلها ....

تعود هي وأفكارها لنفس النقطة ....
ونفس الشخص ...
بيجاد ....
ذاك الغريب القريب ....
الذي استطاع في عدة أسابيع قليلة أن يدلف دهاليز قلبها الخائفة ، ثم ضخ جرعة أمان تحمل اسمه بلا مُنازع ....
كانت كفيلة لـ تُسكن أيامها القادمة ....

بات وجوده شيئًا أساسيًا ...
شيئًا كعملية ضخ الدم والتنفس والحركة ، شيئًا بدونه ما تعود الحياة حياة ....
تناظر عينيها الطبيب مرة أخري علي هاتفها وهي تستمع إلي نصائحه بتركيز ....
" إن لم يُعجبك محل تواجدك ، فـلتتخيل المكان الذي ترغب فيه "
فكرة منطقية بسيطة الأصل ، للتغلب علي رهاب من شيء مُعين ...
إن كانت صادقة مع نفسها ، فهي تعلم ذلك التكنيك قبلًا ...
واستخدمته بمسماها الخاص ...
قبل أن تعرف أنها معلومة طبية من الأصل ...
متي ؟
كانت البداية عندما صرخت بها كوثر ....
ثم الأحداث التي تلتها تباعًا ....
عندما يتملكها الخوف والرهبة ، تغوص بين ذاكرتها لتستخرج الأفضل ، الأعمق ...
والأكثر تأثيرًا في الروح ....
في البداية كانت ذكري عناقه ...
ثم كانت كل مواقفهما معًا ...
انضم إليهم لاحقًا مواقفها مع ريحان وماريتا.....
ثم مواقفها الحديثة مع عُقاب ....
حتي مواقفها القديمة مع هند باتت تتذكرها بشكل أكبر ، فبدأت تعاون نفسها بشكل كبير ....
علي ذكر هند ....
اليوم يوم ميلادها ....
وتسعد كوثر جدًا بدعوة كافة معارفها وأصدقائها إلي حفل ابنتها المدللة ، والذي سيقام هنا في حديقة المزرعة ....
لذلك تسمع جلبة كبيرة من الخارج ، وأناس كُثر وهم ينظفون المنزل ويعدونه إعدادًا فخمًا يليق بالأميرة المدللة كـ كل عام ....
تنظر إلي الطاولة الصغيرة التي تقبع بجانب فراشها ، فتبصر هديتها ....
تلك الهدية التي تتردد في إعطائها اليوم ....
هي لن تحضر الحفل ....
ولن تنزل كعادتها .....
لأنه ببساطة ....
لم يدعوها أحد ...
لم تكلف هند خاطرها لتدعوها ....
وبالطبع لا تنتظر دعوة كهذا من والدها مثلًا أو ما شابه ....

تحت ظِـلال الهوي Onde as histórias ganham vida. Descobre agora