- الفصل السابع والعشرون

124 17 3
                                    

" وإذا تخلي عنك الناس جميعهم ، ورأيت ظلًا قد أتاك ، فـ ذاك أنا "
| منقول |

سقف غير السقف ، وفراش غير الفراش ، ولكن الفارق شاسع ، ومُخيف ...
السقف الأول كان لبيت لا يخلو من الشجار والأصوات العالية ، كان لبيت فُقد منه الأمان ، لأن الأب فيه غير موجود ، ففي العادة لا يأتي والدها إلي المنزل إلا مع بداية الصباح ، وإن أتي قبل ذلك تكون معجزة كونية صعبة الحدوث ، وإن حدثت ، فلا يسلم البيت من صوت شجاره مع أمها ....

أما هذا السقف ، فـ يعود إلي شخص كريم الأصل ، راقي التصرفات ، وشهم الخِصال ، شخص يتحاشى النظر إلي الحرام ، ويعمل بالأصول والواجب ...
شخص لم يتواجد في عالمها قبلًا ...
شخص يبهرها ...
فـ بعيدًا عن حكاية تواصلهما الفكري معًا ، والتي تحدث نادرًا مع التوءم المتماثل ، حيث يستطيع كل فرد التخاطر فكريًا مع أخيه ...
كما أنها تحدث بشكل نادر جدًا مع البشر من دون صلة القرابة ...
لقد قرأت عدة مقالات عنها قبلًا ، كما توجد رواية تتحدث عن قصة واقعية تشبه ذلك الأمر تسمي " إيماجو " ....
وبعيدًا عن كل ذلك ، فإن خصاله الواضحة جدًا وضوح الشمس ، وجديته التي تبعث الثقة لـ محدثه رغمًا عنه ، وتصرفاته النبيلة معها مرة بعد مرة ، تلمس قلبها ، وتجعلها تنافي منطقها ، وتترك بيتها ، لتأتي إلي هنا ملتمسة شيء تمنت يومًا أن تشعر به ....
الأمان ....
الاستقرار ....

لتكن صادقة مع نفسها ، فإنها لم تترك منزلها وتأتي إلي هنا ، لهذا السبب وحسب ، بل لعدة أسباب ، كان أولهم هو خوفها الشديد علي أخيها الصغير عمر ، وثانيهم هو ثقتها الغير منطقية في ذلك الفاهد ، وثالثهم هو شعورها بالخذلان من والديها ...
فـ عز احتياجها لهم ، سافر والدها في عطلة يريح بها رأسه من ضغط العمل ، وهرعت والدتها وراءه حتي تتأكد من عدم اقتراب أي أثني غيرها له ....
واكتفت والدتها بـ إعلامها بأنها سافرت ، وتركت ابنها الصغير عند جارتها ....
فـ أين هو ملجأها ؟ وأين سكنها ؟

نزلت عن الفراش قاصدة المطبخ كي تشرب حين شعرت بالعطش ، فمرت علي أخيها أولًا ، عدلت له غطاءه ، وأزالت من حوله ألعابه ، وابتسمت بـ حنان وهي تداعب شعره الناعم ...
لقد أتعبه اللعب مع الصغير أطلس حتي خر الاثنان نائمين في النهاية وكل منهما محتضنًا بندقية ...
لقد كان يومًا سعيدًا له ...
ولها أيضًا ....
فعلي الرغم من بدايته المرعبة ، والتي قررت بحسم أن تتناسها لتتابع يومها في همة ، كان بقية اليوم لطيفًا علي قلبها ، فـ قد تناولت طعامها مع ريحان وناهد ، والصغيرين ، بعدما خرج فاهد مودعًا أمه في عملية اقتحام خاصة ....
وجلسوا جميعًا يتسامرن في ود بعد ذلك ، وهم يراقبون الصغيرين ، ويتضاحكون عليهم ....
لقد ألفت أولئك الناس ، وأحبتهم جدًا ....
وتعلق قلبها بتلك الشقة ، وكأنها كانت تنتظرها منذ زمن ...
سمعت صوت أقدام تأتي من الخارج ، فـ سارعت تنظر من ثقب الباب ، فوجدت فاهد يصعد الدرج بتثاقل ، مرهق البدن ، بينما ذراعه مربوط بعشوائية بقطعة من القماش المهترئ وقد ظهرت بقعة واسعة من الدم المتجلط بها ......
لقد أُصيب ....
فتحت الباب سريعًا بعدما تناولت حجابًا تغطي به رأسها ، ونادته بخفوت ....
بقي مكانه ولم يستدير ...
ورد مغمضًا عينيه :
_ الوقت متأخر يا دكتورة ، و مقدرش أقرب ناحية الشقة حتي ...

تحت ظِـلال الهوي Where stories live. Discover now